سورة الروم - تفسير تفسير القرطبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الروم)


        


{وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47)}
قوله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ} أي المعجزات والحجج النيراتَ {انْتَقَمْنا} أي فكفروا فانتقمنا ممن كفر. {كانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}
{حقًّا} نصب على خبر كان، و{صْرُ} اسمها. وكان أبو بكر يقف على {حقًّا} أي وكان عقابنا حقا، ثم قال: {علَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} ابتداء وخبر، أي أخبر بأنه لا يخلف الميعاد، ولا خلف في خبرنا. وروي من حديث أبي الدرداء قال سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «ما من مسلم يذب عن عرض أخيه إلا كان حقا على الله تعالى أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة» ثم تلا- {كانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}. ذكره النحاس والثعلبي والزمخشري وغيرهم.


{اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48) وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (49)}
قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ} قرأ ابن محيصن وابن كثير وحمزة والكسائي: {الريح} بالتوحيد. والباقون بالجمع. قال أبو عمرو: وكل ما كان بمعنى الرحمة فهو جمع، وما كان بمعنى العذاب فهو موحد. وقد مضى في البقرة معنى هذه الآية وفي غيرها. {كِسَفاً} جمع كسفة وهي القطعة.
وفي قراءة الحسن وأبي جعفر وعبد الرحمن الأعرج وابن عامر {كسفا} بإسكان السين، وهي أيضا جمع كسفة، كما يقال: سدرة وسدر، وعلى هذه القراءة يكون المضمر الذي بعده عائدا عليه، أي فترى الودق أي المطر يخرج من خلال الكسف، لان كل جمع بينه وبين واحده الهاء لا غير فالتذكير فيه حسن. ومن قرأ: {كِسَفاً} فالمضمر عنده عائد على السحاب.
وفي قراءة الضحاك وأبي العالية وابن عباس: {فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ} ويجوز أن يكون خلل جمع خلال. {فَإِذا أَصابَ بِهِ} أي بالمطر. {مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} يفرحون بنزول المطر عليهم. {وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ} أي يائسين مكتئبين قد ظهر الحزن عليهم لاحتباس المطر عنهم. و{مِنْ قَبْلِهِ} تكرير عند الأخفش معناه التأكيد، وأكثر النحويين على هذا القول، قاله النحاس.
وقال قطرب: إن {قَبْلِ} الأولى للإنزال والثانية للمطر، أي وإن كانوا من قبل التنزيل من قبل المطر.
وقيل: المعنى من قبل تنزيل الغيث عليهم من قبل الزرع، ودل على الزرع المطر إذ بسببه يكون. ودل عليه أيضا {فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا} على ما يأتي.
وقيل: المعنى من قبل السحاب من قبل رؤيته، واختار هذا القول النحاس أي من قبل رؤية السحاب {لَمُبْلِسِينَ} أي ليائسين. وقد تقدم ذكر السحاب.


{فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (50)}
قوله تعالى: {فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ} يعني المطر، أي انظروا نظر استبصار واستدلال، أي استدلوا بذلك على أن من قدر عليه قادر على إحياء الموتى. وقرأ ابن عامر وحفص وحمزة والكسائي: {آثارِ} بالجمع. الباقون بالتوحيد، لأنه مضاف إلى مفرد. والأثر فاعل {يُحْيِ} ويجوز أن يكون الفاعل اسم الله عز وجل. ومن قرأ: {آثارِ} بالجمع فلان {رَحْمَتِ اللَّهِ} يجوز أن يراد بها الكثرة، كما قال تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها} [إبراهيم: 34]. وقرأ الجحدري وأبو حيوة وغيرهما: {كيف تحيي الأرض} بتاء، ذهب بالتأنيث إلى لفظ الرحمة، لان أثر الرحمة يقوم مقامها فكأنه هو الرحمة، أي كيف تحيي الرحمة الأرض أو الآثار. و{يُحْيِ} أي يحيي الله عز وجل أو المطر أو الأثر فيمن قرأ بالياء. و{كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ} في موضع نصب على الحال على الحمل على المعنى لان اللفظ لفظ الاستفهام والحال خبر، والتقدير: فانظر إلى أثر رحمة الله محيية للأرض بعد موتها. {إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} استدلال بالشاهد على الغائب.

7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14